يحكى ان احد الصالحين كان يضع في مكان سجوده قطعة من القماش القطني الناعم عند قيامه لليل فلما قام ليلة
لم يجدها فبدل الصلاة ذكرا وتهجدا بالقران فلما اصبح سال ابنته عن الخرقة فاخبرته انها غسلتها وسالته عن سرها فقال لها
يا بنيتي اخشى ان يظهر على جبيني اثر السجود فيكون ثناء الناس علي عملا خالط اخلاصي لربي فيبطل عملي كله فهو لايرضى الا ما كان خالصا لوجهه
وهذه الحكاية التي ذكرتها دليل على ان اثر السجود ليس اثبات على صلاح العبد
وان العبد الذي لا توجد على جبينه اثراً للسجود , ليس دليل على أنه قليل الصلاة لا يقوم الليل
قيل للحسن البصري رحمة الله :
ما بال المتهجدين بالليل أحسن الناس وجوها ؟
فقال لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره
وبلا شك أن افضل العبادات بعد الفروض هي التي تكون بين العبد وربه
ولا يعلم عنها من الخلق أحد
كان العبد الصالح عبد العزيز بن أبي رواد رحمه الله :
يفرش فراشه لينام عليه بالليل
فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول :
ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك ! ثم يقوم إلى صلاته
هكذا يكون العبد الصالح حين يستبدل راحته في العبادة
قالت إمرأة مسروق بن الأجدع :
والله ماكان مسروق يصبح ليلة من الليالي إلا وساقاه منتفختان من طول القيام
وكان رحمه الله إذا طال عليه الليل وتعب صلى جالساً ولا يترك الصلاة
وكان إذا فرغ من صلاته يزحف ( أي إلى فراشه ) كما يزحف البعير
ما أجمل أن تتألم وتشعر بالتعب من أجل الله
قال أبو حازم رحمه الله :
لقد أدركنا أقواماً كانوا في العبادة على حد لا يقبل الزيادة
ونحن من أدركنا , وماذا سـ يقول من يدركنا
قال الفضيل بن عياض رحمه الله :
أدركت أقواماً يستحون من الله في سواد هذا الليل من طول الهجعة
انما هو على الجنب ( أي أفاق من نومه ) قال
ليس هذا لك , قومي خذي حظك من الأخرة
ونحن متى نستحي من الله
وبعد ان ذكرت القليل من سلوك الصالحين من قبل وهم يذكرون الله خفيتاً عن أعين الناظرين
تحسرت على زماننا الأن بعد أن رأيت صورا لقوم يظهرون نسكهم وزهدهم وعبادتهم
فعلمت ان ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل
ولا يقف الأمر على الصلاة فقط , بل جميع العبادات
قال الله تعالى
( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا - مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا )
وحتى لا نكون مِن من ذكرهم الله في الآيتين
يجب ان نخشى أن نقع في الرياء
وهو ترك الإخلاص لله لـ غير الله , وهي إظهار العبادة بـ قصد رؤية الناس لها
ملاحظة:
لا أقصد التشكيك في من يجاهرون لا سمح الله , ولكني أفضل السر على العلانيه لأنها الأقرب إلى الله
وأنت او انتي احذروا من إتهام الناس بـ الرياء فـ هذه من أعمال القلوب التي لا يعلمها إلا الله
ويجب إحسان الظن في المسلمين ( إن بعض الظن إثم )
وإن كانو يجاهرون في عباداتهم إلا أنه لا يجب إتهامهم بل النصح لهم , وتذكيرهم بـ أن أفضل العبادات
هي التي يخلو بها العبد بالرحمن.
اللهم طهر قلوبنا من الكبر والغل والحسد وطهر أعمالنا من الرياء وطهر أعيننا من الخيانة إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .. اللهم آمين
فهل لنا نصيب من الليل