أسباب نزول سورة الأعراف
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) 31.
أخبرنا سعيد بن محمد العدل قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: أخبرنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا الحسن بن حماد الورّاق قال: أخبرنا أبو يحيى الحماني، عن نصر بن الحسن الحداد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان ناس من الأعراب يطوفون بالبيت عراة حتى أن كانت المرأة لتطوف بالبيت وهي عريانة، فتعلق على سفلتها سيورًا مثل هذه السيور التي تكون على وجوه الحمر من الذباب وهي تقول:
اليــوم يبــدو بعضـــه أو كلـه ومــا بــدا مـنــه فــلا أحلـه
فأنـزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) فأمروا بلبس الثياب.
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد العطار قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن يعقوب المعقلي قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت مسلمًا البطين يحدث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت المرأة تطوف بالبيت في الجاهلية وهي عريانة وعلى فرجها خرقة وهي تقول:
اليــوم يبــدو بعضـــه أو كلـه ومــا بــدا مـنــه فــلا أحلـه
فنـزلت: ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) ونـزلت: ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ ) الآيتان. رواه مسلم عن بندار، عن غندر، عن شعبة.
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله حمدون قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني أخي، عن سليمان بن بـلال، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهـاب، عن أبي سلمـة بن عبد الرحمن قال: كانوا إذا حجوا فأفاضوا من مُنى لا يصلح لأحد منهم في دينهم الذي اشترعوا أن يطوف في ثوبيه، فأيهم طاف ألقاهما حتى يقضي طوافه وكان أتقى، فأنـزل الله تعالى فيهم: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) إلى قوله تعالى: ( لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) أنـزلت في شأن الذين يطوفون بالبيت عراة.
قال الكلبي: كان أهل الجاهلية لا يأكلون من الطعام إلا قوتًا، ولا يأكلون دسمًا في أيام حجهم، يعظمون بذلك حجهم، فقال المسلمون: يا رسول الله نحن أحق بذلك، فأنـزل الله تعالى: ( وَكُلُوا ) أي اللحم والدسم، ( وَاشْرَبُوا )
قوله تعالى: ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا ) الآية 175.
قال ابن مسعود: نـزلت في بلعم بن أبره رجل من بني إسرائيل.
وقال ابن عباس وغيره من المفسرين: هو بلعم بن باعورا. وقال الوالبي: هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعم، وكان يعلم اسم الله الأعظم، فلما نـزل بهم موسى عليه السلام أتاه بنو عمه وقومه وقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة. وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع الله يرد عنا موسى ومن معه، قال: إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به، حتى دعا عليهم، فسلخه مما كان عليه، فذلك قوله: ( فَانْسَلَخَ مِنْهَا ).
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وزيد بن أسلم: نـزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي، وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مرسل رسولا في ذلك الوقت ورجا أن يكون هو ذلك الرسول، فلما أرسل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم حسده وكفر به.
وروى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال: هو رجل أعطى ثلاث دعوات يستجاب له فيها وكانت له امرأة يقال لها البسوس، وكان له منها ولد وكانت له محبة، فقالت: اجعلت لي منها دعوة واحدة، قال: لك واحدة فماذا تأمرين، قالت: ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها، رغبت عنه وأرادت شيئا آخر، فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نبّاحة فذهبت فيها دعوتان، وجاء بنوها فقالوا: ليس لنا على هذا قرار، قد صارت أمنا كلبة نباحة يعيرنا بها الناس، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليها فدعا الله فعادت كما كانت، وذهب الدعوات الثلاث وهي البسوس، وبها يضرب المثل في الشؤم فيقال: أشأم من البسوس.