الجزء الاول
جاء في آيات القرآن، الكثير من قصص سليمان بن داؤود الذي حكم بني اسرائيل نبيا وملكا حكيما، ويشهد القرآن لسليمان الحكيم الكثير من الامتيازات والقدرات الفائقة للطبيعة البشرية، والتي هي اقرب الى الاسطورة منها الى الحقيقة، كقدرته على تسخير الجن والعفاريت لخدمته
" وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يوزعون ... " سورة النمل - 17
وبنائين لبناء الهيكل المقدس وغواصين لجلب الؤلؤء له من البحر، وهم ينفذون اوامره بطرفة عين، " فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ والشياطين كل بناء وغواص وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ " سورة ص – 36/38
ويشير القرآن كذلك على قدرة سليمان بتسخير الريح لنقله من مدينة الى اخرى تبعد الواحدة عن الاخرى مسيرة شهرين.
" ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره ...." سورة الانبياء- 81
ولسليمان الريح غدوها ورواحها شهر " سورة سبأ – 12 "
(أي مسير غدو تلك الريح المسخرة له مسيرة شهر و مسير رواح تلك الريح مسيرة شهر و المعنى أنها كانت تسير في اليوم مسيرة شهرين للراكب)– تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن .
. كما يؤيد القرآن لسليمان القدرة الخارقة على التكلم بلغة الحيوانات والطيور والحشرات كالنمل ويفهم لغاتهم .
" وورث سليمان داوود وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطيرواوتينا من كل شئ..." سورة النمل – 16
" حتى اذا اتوا على وادي النمل قالت نملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ..." سورة النمل –18
ان ما جاء بالقرآن من قصص سليمان يوافق تماماً الخرافات والاساطير اليهودية والمندائية والزرادشتية التي وردت بكتبهم القديمة . فكتاب الترجوم الثاني / سفر استير الذي يعود تاريخه للقرن الرابع الميلادي هو كتاب للاساطير اليهودية، مثل كتاب قصص الف ليلة وليلة وهو اقدم من القرآن بثلاث قرون، قد اخبر عن كل ما ورد ذكره بالقرآن عن سليمان وبشكل يكاد يكون متطابقا، ولم يعتبره اليهود من كتبهم المقدسة بل كتاب للخرافات وقصص عن الاساطير.
ومما جاء بالترجوم قوله : " ان القدوس جعل سليمان حاكما لجميع الشياطين والوحوش الضارية والارواح الشريرةوهي خاضعة له " وهذا ما ذكره القرآن تماما " ومن الجن من يعمل بين يديه بأذن ربه " سورة سبأ – 12
كما ان كتاب ( عهد سليمان ) الذي يعود للقرن الاول الميلادي قد ذكر " ان خادم سليمان في الهيكل يأتيه الشيطان اورنياس ويأكل اكله، وان سليمان الملك اعطى الى هذا الخادم خاتمه وطلب منه ان يضرب به الشياطين ويختمهم به ليسخرهم لخدمته " .
ومن الاساطير المدونه في هذا الكتاب ان شيطان الريح المدعو Ephippas كان يتعاون مع شيطان البحر الاحمر المسمى Abezithbod في جلب عمود من الارجوان من البحر الاحمر، وهذا مطابق ما جاء بالاية 82 من سورة الانبياء " ومن الشياطين من يغوصون له (لسليمان) ويعملون عملاً دون ذلك وكنا لهم حافظين "
وقد ورد في الاية 37 من سورة ص " والشياطين وكل بناء غواص " وهذا يؤيد ما جاء بكتاب (عهد سليمان) اليهودي من ان سليمان سخّر الشياطين لبناء الهيكل ومنهم الشيطان ازموداي ،وهذا الاسم مشتق من اسم شيطان زرادشتي، وكذلك مطابقة للاية 82 اعلاه من ان الشياطين يغوصون ويعملون له عملا.
ومن الخرافات المكتوبة عن النبي سليمان وردت قصة في كتاب (رؤية آدم) الاسطوري ، ان سليمان ارسل جيشا للبحث عن فتاة عذراء هربت منه !
وجاء في الكتاب المقدس لدى االصابئة المندائية كنزا ربا، الكتاب الثاني- التسبيح الاول وهو من الكتب القديمة، سجع يقول فيه : " ويولد الملك سليمان بن داوود، فيكون ملك يهوذا العظيم، وحاكم اورشليم، وكانت الجن له طائعة، لمشيئته خاشعة حتى طغى، فوقعت عليه الواقعة " .
كما جاء في اشعار الجاهلية ما قبل الاسلام ابياتا شعرية عن تسخير سليمان للشياطين والجن فقد جاء في ديوان الاعشى صفحة 243ما يلي :
وسخّر من جن الملائكة تسعة قياما لديه يعملون بلا أجر
وسخر من جن الملائكة تسعة قياما لديه يعملون محاربا
والضمير (الهاء) في لديه يُقصد به سليمان . ( تاج العروس ج9:ص 165)
وورد في شعر النابغة الذبياني: ان الشياطين بنوا تدمر مع الجن .
ومن الاساطير الخرافية انه كان لسليمان سجادة ثمينه مساحتها 60 ميلا مربعا يطير عليها في الهواء، فيكون في الصبح في دمشق والظهر في مدينة تبعد عنها مسافة مسيرة شهر والعصر في مدينة اخرى تبعد مسافة شهرا آخر. وهذا نفس ما اورده القرآن في سورة سبأ – 12 " ولسليمان الريح غدوها ورواحها شهر" اي انه يطير على الريح التي سخرها الله له لينتقل بفترة قصيرة لمسافات تبعد فيما بينها مسيرة ذهابها يستغرق شهرا وايابها شهراً.
الآاية 30-33 من سورة ص تقول :
" وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ "
يقول المفسرون ان حب الخير يُقصد به حب سليمان لاستعراض الخيل ( الصافنات الجياد) قد اشغله عن الصلاة حتى غابت الشمس (بِالْعَشِيِّ) وراء الافق (بِالْحِجَابِ)، وأمر الملائكة ان ترد الشمس ثانية (ردوها) ليصلي، وبعد ذلك شرع ذبحا وقطعا بأعناق وسيقان الجياد التي شغلته عن الصلاة انتقاما منها (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ )، تُرى ما ذنب الجياد المسكينة ؟ وبأي ذنب قُتِلتْ ؟ وهل هذا فعلٌ معقولٌ يصدر عن نبي حكيم ؟ ام انها كذلك من اساطير الاولين ؟
اما قصة النمل التي وردت بالقرآن " حتى اذا اتوا على وادي النمل قالت نملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ..."
هذه القصة وردت بتمامها في اسطورة يهودية قديمة عن ان جيش سليمان دخل وادي النمل خلال احدى رحلاته، فسمع نملة تأمر باقي النمل ان ينسحبوا حتى لا يتم تحطيمهم من قبل جيش سليمان، توقف سليمان الملك واستدعى النملة التي تحدثت فاخبرته انها هي ملكة النمل وشرحت له لماذا أمرت النمل بالانسحاب، ودار حوار بين سليمان وملكة النمل عما اذا يوجد من هو اعظم منه .
هذه القصص الخرافية نسخها محمد كما هي وكتبها في القرآن وهي قصص موثقة في الاساطير اليهودية قبل زمن محمد بثلاث قرون . فهل قصص القرآن عن سليمان كلام الله ام قصص من اساطير الاولين ؟
يتبع في الجزء الثاني
منقول